3

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ،

فليُعلم أن القـرءان الكريم فـيه ءاياتٌ محكمات وءاياتٌ مُتَشابِهات. قال تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ ءَايَـاتٌ مُّحْـكَماَتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتاَبِ وأُخَرُ مُتَشَبِهَاتٌ ﴾ [سورة ءال عمران] والآيات المـحكَمة هي ما عُرِف بوُضوح المعنى المرادِ منه كقوله تعالى : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ ﴾ [سورة

الشورى ءاية/11].

وأما المتشابِه فهو ما احتمل أوجُهاً عديدة واحتاج إلى النظر لحمله على الوجه المطابق. فلا يجوز أن يفسِّر إنسانٌ القرءانَ برأيه بلْ يسأل أهل المعرفة حتى لا يقع في التشبيه المُهْلِك. فيجب ردّ تفسير الآيات المتشابِهة إلى الآيات المحكمة.

وبالمناسبة نورد بعض الآيات المتشابِهة ونذكر تفسيرها الذي يوافق الآيات المحكمة. قال الله تعالى : ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [ سورة فاطر ]. فالمقصود بكلمة “ إليه ” أي إلى محلّ كرامته وهو السّماء، فهذا مطابقٌ ومنسجمٌ مع الآية المحكمة : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ ﴾ وهو تفسيرٌ صحيحٌ ليس فيه تشبيهٌ لله بِخَلْقِهِ.

تفسير آية الرَّحْمَـنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى

ويجوز أن يُقال في قوله تعالى : ﴿ الرَّحْمَـنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [ سورة طه ] أي قهرَ وحفِظَ وأبقى العرش ، والفائدة من ذلك أن يُعْلَم أن الله مسيطرٌ على كلّ المخلوقات لأن العرش أكبر المخلوقات حَجْمًا. ولا يجوز تفسير الآية المتشابِهة على معنى لا يليق بالله عزَّ وجلَّ. فلا يجوز أن يقال استوى أي جلس لأن الجلوسَ لا يكون إلا من ذي أعضاء والأعضاء مستحيلةٌ على الله. يقولُ الإمام عليٌ رضي الله عنه : «كَانَ اللَّهُ وَلاَ مَكَانَ وَهُوَ الآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ». ويقول أيضاً في تنـزيه الله عن الجلوس : «إنَّ الله خَلَقَ العَرْشَ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذهُ مَكَاناً لِذَاتِهِ». رواه أبو منصور البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق. الله خلق العرش وسائر المخلوقات وكان موجودا قبلها ولا يحتاج إليها، فهو غني عن العالمين. فمن نسب إلى الله الاحتياج أو الاستقرار أو الجهة أو المكان، فقد كفر.

وقال الحافظ أحمد بن سلامة الطحاوي في عقيدته التي حكى فيها عقيدة السلف : « تعالى (يعني الله) عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات »، وقال : «ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر »، وهذا بيّنٌ ظاهر لمن كان له مُسْكة من العقل.

يقولُ حسن البنّا في كتابِ العقائدِ الأسلاميَّةِ : «السَّلفُ والخلفُ ليس بينهم خلافٌ على أنه لا يجوزُ حملُ ءايةِ الاستواءِ على المعنى المتبادرِ » وهذا الكلام من جواهِرِ العلمِ.

ءاية الاستواءَ تُحملُ على القهرِ ، أو يُقالُ استوى استواءً يليقُ به، أو يقال : ﴿ الرَّحْمَـنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى ﴾ بلا كيفٍ ، أما من أرادَ التأويلَ التفصيليَ فيقولُ قَهَرَ ويجوزُ أن يقولَ استولى. فَيَجِبُ تَركُ الحَملِ على الَظاهِر بَل يُحَملُ على مَحْملٍ مُستَقيمٍ في العُقُولِ فتُحمَلُ لفظَةُ الاستِواءِ على القَهرِ ففي لُغَةِ العَرَبِ يُقالُ استَوى فُلانٌ على المَمَالِكِ إذا احتَوَى على مَقَالِيدِ المُلكِ واستَعلى على الرقَابِ. ومعنى : « واستعلى على الرقَابِ » أي استولى على الأشخاصِ أي على أهل البلدِ.

وليُعلَم أن الاستواءَ في لغةِ العربِ له خمسة عشرَ معنًى كما قالَ الحافظُ أبو بكر بن العربيّ ومن معانيهِ : الاستقرارُ والتَّمامُ والاعتدَال والاستعلاءُ والعلوُّ والاستيلاءُ وغير ذلك ، ثم هذه المعاني بعضُها تليقُ بالله وبعصُها لا تليقُ بالله. فما كان من صفات الأجسام فلا يليق بالله.

وقد ذَكَرَ الإمامُ أبو منصورٍ الماتريديُّ في تأويلاتِهِ في قولِهِ تعالى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ﴾ [سورة الأعراف] يقولُ : « أي وقد استوى »، ومعناهُ أنَّ الله كانَ مستويًا على العرشِ قبلَ وجودِ السمواتِ والأرضِ ، وبعضُ الناس يتوهَّم من كلمة (ثم) أن الله استوى على العرشِ بعد أن لم يكن يظنُّونَ أن ثُمَّ دائمًا للتأخُّر ، ويصحُّ في اللُّغة أن يقالَ أنا أعطيتُكَ يوم كذا كذا وكذا ثم إني أعطيتُكَ قبلَ ذلك كذا وكذا ، فإن (ثم) ليست دائمًا للتَّأخُّرِ في الزَّمن ، أحيانًا تأتي لذلكَ وأحيانًا تأتي لغيرِ ذلك ، قال الشَّاعر :إِنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أبُوهُ ثُمّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ.

ويُروى عن أمّ سلمةَ إحدى زوجاتِ الرّسولِ ويروى عن سفيانَ بنِ عيينةَ ويروى عن مالكِ بن أنسٍ أنهم فسَّروا استواء الله على عرشِهِ بقولهم:الاستواءُ معلومٌ ولا يقالُ كيفٌ والكيفُ غيرُ معقولٍ. ومعنى قولهم : (الاستواء معلومٌ) معناهُ معلومٌ ورودُهُ في القرآنِ أي بأنه مستوٍ على عرشِهِ استواءً يليقُ به، ومعنى : (والكيفُ غير معقولٍ) أي الشَّكلُ والهيئةُ والجلوسُ والاستقرارُ هذا غير معقولٍ أي لا يقبلُهُ العقلُ ولا تجوزُ على الله لأنها من صفات الأجسام، وسُئِلَ الإمامُ أحمدُ رضي الله عنه عن الاستواء فقال : «استوى كما أخبَرَ لا كما يَخطُرُ للبشرِ».

لا يوجد رواية صحيحة مسندة عن الإمام مالك فيها لفظ “والكيف مجهول” في تفسير آية الاستواء.

الثابت عن إمام الأئمة مالك رضي الله عنه ثلاث عبارات، واحدة رواها الترمذي “بلا كيف”، والأخريان رواهما البيهقي وذكرهما ابن حجر في شرح البخاري إحداهما “وكيف عنه مرفوع”، والأخرى “والكيف غير معقول”. وكل هذه الروايات الصحيحة الثابتة تنفي عن الله الكيفية. ثبَت عن الإمامِ مالكٍ بإسنادٍ قويّ جيدٍ أنه قال في استواء الله : «استوى كما وَصَفَ نفسَهُ ولا يقالُ كيف وكيف عنه مرفوعٌ ».

من قال والكيف مجهول، إن أراد أن الله له كيفية وشكل وصورة لا نعرفها فهذا لم يعرف الله ولا هو عَبَد الله رب العالمين، أما إن كان يفهم أن الاستواء لا أعرف تفسيره وأتوقف عن تفسيره لا أعرف حقيقته، فهنا نقول له توقف عن نقل هذه العبارة فإنه لا سند لك فيها إلى مالك رضي الله عنه والإسناد من الدين كما قال العلماء، ولا يكفي أنك رأيتها في كتاب ما فإن كثيرا من الكتب دخلها التحريف. والكيف كل ما كان من صفات المخلوقين كالشكل والهيئة والصورة والكون في جهة أو مكان.

قال عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) في كتابه الإتقان في علوم القرآن: أَخْرَجَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ في السنن عَنْ طَرِيقِ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ قالت:الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍوَالِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْإِقْرَارُ بِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْجُحُودُ بِهِ كُفْرٌ.

وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ، فَقَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍوَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍوَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ.

وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْآيَةِ فَقَالَ:الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍوَالِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُوَلَا يقال: كيف وكيف مَرْفُوعٌ.

وليُعلَم أن الله تعالى خالقُ الروح والجسد فليس روحاً ولا جسداً.

وأما إضافة الله تعالى روحَ عيسى إلى نفسه فهو على معنى المِلك والتشريف ، لا على معنى الجزئية . فقوله تعالى : ﴿ فَنَفْخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنا ﴾ [سورة التحريم] معناه أن الله أمر الملَكَ جبريل أن ينفخ في مريم رُوحَ عيسى التي هي مُشرّفة عنده ، لأن الأرواح قسمان : أرواحٌ مشرّفةٌ وأرواحٌ خبيثةٌ ، وأرواح الأنبياء من القسم الأول . فإضافة روح عيسى وروح ءادم إلى الله هي إضافة تشريف . ويقال مثل ذلك في قوله تعالى لإبراهيم وإسماعيل : ﴿ أَنْ طَهِّراَ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ ﴾ فالكعبة هي مكانٌ مشرّفٌ عند الله . أما قوله تعالى : ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهمْ مِن فَوْقِهِمْ ﴾ [ سورة النحل ] فالمقصود به فوقيّة القهر دون المكان والجهة.

ومعنى قوله تعالى في توبيخِ إبليسَ : ﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ سورة ص ] فَيَجُوزُ أن يُقَالَ المُرادُ بِاليَدَيْنِ العِنَايَةُ والحِفْظُ. ومعنى قوله تعالى : ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [ سورة الفجر ] جاء أمرُ ربِّك أي أثرٌ من آثار قدرتة حيث تظهر أهوالٌ عظيمة يوم القيامة.

ويقال في قول الله تعالى :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ﴾ [ سورة الحديد ] إنّ الله عَالِمٌ بكم أينما كنتم.

وأمَّا قولُهُ تعالى : ﴿ وقِيلَ اليَومَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا ﴾[ سورة الجاثية ] فقد ذُكرَ على وجهِ المقابلةِ ومعناهُ تَرَكناكُم من رحمتِنا كما أنتم تركتم طاعةَ الله في الدنيا بالإيمان به.

وكذلك لا يجوزُ أن يُؤخذَ من قولِ الله تعالى : ﴿ إنَّ الله لا يَسْتَحْيِى أن يَّضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً ﴾[سورة البقرة / 26] جواز تسميةِ الله بالمستحيي ، ومعنى الآية أننا لا نترك استحياءً كما يترُكُ البشرُ الشىءَ استحياءً ، معناه أنَّ الله لا يُحِبُّ تركَ إظهارِ الحَقّ فلا يتركُهُ للاستحياءِ كما يفعلُ الخلقُ، وهذا مستحيلٌ على الله . وأما قولُهُ تعالى : ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتىَّ نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ ﴾ [سورة محمد/31] فَلَيْسَ معنى ذلك أنّه سوف يعلم المجاهدين بعد أن لم يكن عالماً بِهم بالامتحانِ والاختبار، وهذا يستحيلُ على الله تَعَالَى، بل معنى الآيةِ حتى نُمَيِّزَ أي حتىَّ نُظْهِرَ للعباد المجاهدين منكم والصابرين من غيرهم . ويكفر من يقول إن الله تعالى يكتسب علماً جديداً . وقوَل الله تبارك وتعالى : ﴿ الله نُورُ السَّمَـوَاتِ وَالأرْضِ ﴾ [سورة النور] معناه أن الله هادي أهل السموات والمؤمنين من أهل الأرض لنور الإيمان . فالله تعالى ليس نورًا بمعنى الضوء بل هو الذي خلقَ النور . قال تعالى في سورة الأنعام : ﴿ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ أي خلق الظلمات والنور فكيف يمكن أن يكون نوراً كخلقه ؟! تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا . فلا يجوز اعتقاد أنَّ الله ذو لونٍ أو ذو شكلٍ . وأمّا ما ورد في الحديث أن الله جميلٌ فليس معناه جميل الشكل وإنما معناه جميل الصفات أومُحْسِن . وأما النُّزُولُ المذكورُ في حديثِ : (( يَنـزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا )) فأحسنُ ما يُقالُ في ذلك هو نزولُ المَلَكِ بأمرِ الله فينادي مُبلغاً عن الله تلك الكلمات : (( من ذا الذي يدعوني فأستجيبَ له من ذا الذي يستغفرني فأغفرَ له من الذي يسألني فأُعطيَهُ )) فيمكثُ المَلَكُ في السماء الدنيا من الثلث الأخير إلى الفجر . أما من يقولُ ينـزلُ بلا كيفٍ فهو حقٌّ ، لأنه لما قال بلا كيفٍ نفى الحركة والانتقال من عُلوٍ إلى سُفلٍ . والله تعالى غنيٌّ عن العالمين أي مستغنٍ عن كلّ ما سواه أزلاً وأبدًا وتفتقر إليه كلّ الكائنات . فلا يحتاج الله تعالى إلى مكانٍ يقوم به أو يحلّ به أو إلى جهةٍ ، لأنه تعالى موجودٌ قبلَ المكان بلا مكان ، وهو الذي خلق المكان فليس بحاجة إليه.

قوله تعالى : ﴿وهو الله في السموات وفي الأرض ﴾ (آية 3 سورة اﻷنعام) اختار البيهقي، معناه أنه المعبود في السماوات والأرض، مثل قوله تعالى : ﴿وهو الّذي في السّماء إلهٌ وفي الأرض إله ﴾ (آية 84 سورة الزخرف) وهذا القول هو أصحّ الأقوال.

وقال الأشعري في الموجز : قوله تعالى : ﴿ وهو اللهُ في السّمواتِ وفي الأرضِ يعلمُ سرّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون ﴾ (آية 3 سورة الأنعام)  أي عالم بما فيهما. من البرهان في علوم القرآن (2|83) للحافظ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي المُتوفّى 772 هجرية رحمه الله تعالى الطبعة الأولى 1376 هجرية.

وليس المقصود بالمعراج الوصول بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكان ينتهي وجود الله تعالى إليه ، إنما القصد من المعراج هو تشريف الرسول صلى الله عليه وسلم بإطلاعه على عجائب في العالم العلوي وتعظيم مكانته ، ورؤيته صلى الله عليه وسلم لله بفؤاده من غير أن يكون الله تعالى في مكان . قال سيّدنا الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : “كَانَ الله وَلا مَكَان وهوَ الآنَ عَلَى ما عَليه كَان ”.

وليس محورُ الاعتقاد على الوهم بل على ما يقتضيه العقلُ الصحيحُ السليمُ الَّذي هو شاهدٌ للشرع ، ذلك لأنَّه لو كان لله تعالى مكانٌ لكانَ له مقدارٌ ، أبعادٌ وحدودٌ ومن كان كذلك كان مُحْدَثاً أي مَخْلُوقًا ولم يكن إلهاً . وكما صحّ وُجودُ اللهِ تعالى بلا مكانٍ قَبل خَلق الأماكن والجِهاتِ ، يَصِحُّ وجودُهُ بعد خَلْقِ الأماكنِ بلا مَكانٍ . وهذا لا يَكونُ نَفياً لوجودِهِ تعالى . قال الإمام ذو النُّون المصري : “ مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بَبَالِكَ فَالَّلهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ ”.

عن عائشة رضي الله عنها قالت تـلا رسـول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ‌ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ ۗ وَالرَّ‌اسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَ‌بِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ‌ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ قالت: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم». رواه البخاري.

أنظر كذلك:تفسير آيات وأحاديث متشابهة

والحمد لله ربِّ العالمين.

Informations supplémentaires